
- العنوان يوميات مشاغب
- المؤلف جمال الشحي و محمد خميس
- دار النشر دار كُتَّاب للنشر
- التصنيف أدب أطفال
كتاب : يوميات مشاغب
من تأليف: جمال الشحي ومحمد خميس
الفصل الأول: من أنا؟
أُدْعَى فَيْصَلْ، أصدقائي يدعونني بعض الأحيان فَصُّوول، أَدْرُسُ في الصف السابع، أحب المغامرات ولكني أقع في كثيرٍ من المشاكل بسبب عدم تقدير نتيجةَ ما أقوم به. اتفقت إدارة المدرسة مع والداي على عقابي بالقراءة حيث ألزموني بقراءةِ كتابٍ في كل أسبوع ثم تقديم ملخصٍ عن ما قرأتهُ، وذِكْر ما استفدته منه.
والداي في كل مرة أقع بها في الخطأ، يضيفان عقوبات جديدة عليّ، أحب أبي وأمي كثيراً، وكذلك أختي ملاك التي ندعوها بميمي. في كثير من الأحيان أعتقد بأن هواية أختي ميمي هي مراقبتي وإطلاع والداي على الأخطاء التي أقوم بها، وأنا أحب أن أشاكسها كل الوقت، أصدقائي هم:
منصور: وهو مهووس بألعاب الفيديو، أبي يقول عنه أنه يميل إلى العنف،لأنه يحب الألعاب العنيفة.
جمال: وهو يحب أن يقضي وقته مع كبار السن، بصحبة والده، ودائما يتحدث مثلهم.
حسين: وهو دلُّوع ، يعتقد بأن المال يستطيع أن يحل كل مشاكلنا.
الفصل الثاني: في المنزل ، عند الاستيقاظ.
في صباح اليوم، كنت طبيباً أعمل على سفينة ضخمةً تبحر إلى الشرق، تتلاطمها الأمواج. وفجأة ارتطمتُ بصخرةٍ وغَرقتُ، بينما جرفتني المياه إلى شاطئ جزيرةٍ غريبة، سُكّانَها أقزام، وأيةِ أقزام: إنهم بطول عقلة الأصبع، مثل ما حدث في قصةِ (رحلات غوليفر) للكاتب جونثان سويفت، كانوا عدوانيين، يوجهون سيوفهم ورماحهم نحوي، لما رأيتهم ضحكت، وهممت بالقيام بضربهم، فهجموا عليّ هجمةَ رجل واحد، وطرحوني أرضا، وأثناء سقوطي، سمعت أمي تناديني: فيصَلْ،فيصَلْ ،قم حقّ المدرسة.
غرفتي كانت باردة من هواء المكيف، وأنا متدثر باللحاف الثقيل، وسلطان النوم يأمرني أن أبقى نائماً، قلت لنفسي، لا أريد الذهاب إلى المدرسة، فكَّرتُ بسرعة، وقررت أن أَدّعي المرض، أحسست بيد أمي وهي تهزني كما تعودت أن توقظني.
فيصَلْ ،فَصُّوول، قم حبيبي وراك مَدْرَسَة.
جاوبتها في صوت تَعمّدْتُ أن يبدو مريضاً: ،أمي هناك وجع في بطني، لن أستطيع الذهاب إلى المدرسة اليوم ، وفَتَحْتُ عيناي ليقع نظري على وجه أمي الملائكي، وهي تمسح على رأسي، وتقول:
لا بأس، ارتاح يا حبيبي،، لم أصدق ما تسمعه أذناي! فأمي من النوع الذي لا يقبل غيابي من المدرسة مهما كانت أعذاري. اتسعت عيناي وأنا أنظر إليها في دهشة، فابْتَسَمت بعطف، ثم قامت وتوجهت ناحية الباب للخروج. سمعتها تقول لي عند وصولها لباب غرفتي: لا توجد مشكلة، سوف أُعْلِمَ المدرسة ، بأنك لن تنضم إلى رحلتهم اليوم إلى مدينةِ الملاهي.
قُمْتُ من سريري قافزاً، وخَرَجْتُ راكضاً وراءها، أسألها بفضول: مدينة الملاهي! هل هناك رحلة إلى مدينة الملاهي اليوم؟
تَعمَّدتْ أمي أن لا ترد، فأضفْتُ بسرعة: ، لقد اختفى الوجع يا أمي، الحمد لله.
وقَفَتْ أُمّي ورمقتني بنظرة ، وقالت لي: ، هذا يعني أنك تستطيع أن تذهب إلى المدرسة؟
فأجبتها على الفور: نعم-نعم-نعم
فردت ببرود: إذاً غَيِّر ملابِسكَ بسرعة،
ركضت إلى غرفتي، ولكنها استوقفتني وقالت لي: على فكرة، لقد تذكرت لتوي، أنَّ رحلتك إلى مدينة الملاهي مع المدرسة ستكون في الأسبوع القادم، وليس اليوم. أصبت بخيبة أمل كبيرة، ومشيت متثاقلاً إلى الحمّام، ثُمّ بدّلْتُ ملابسي وتوجهت إلى المدرسة.
لا أعلم ! لماذا يجب أن نذهب إلى المدرسة كل يوم؟ ولماذا لا تكون المدرسة يوماً واحداً في الأسبوع ونلعب في باقي الأيام؟ لماذا المدرسة ونحن معنا جوجل؟ صحيح أن كل أصدقائي في المدرسة، ولكن يوجد بها الكثير من الدروس، والواجبات المدرسية، ليتني أكبر بسرعة وأنتهي من المدرسة..
الحمد لله أن أمي لم تعاقبَني اليوم بقراءة كتابٍ آخر، ما زلت أتذكر عندما قرر والداي وإدارة المدرسة معاقبتي بقراءة كتاب ،في كل مرة أرتكب فيها خطأ، أو أكذب، لقد عاقبوني بأبشع شيء في الوجود، كم أكره القراءة!
ما زلت لم أنتهِ من قراءة رحلات غوليفر، فهذه القصة هي أول عقاب لي، قرأت بعضاً منها. كم أكره القراءة! صحيح أنها قصة جميلة، ولكني أفضِّلُ أن أراها في فيلم.
بعد الانتهاء من قراءتها سيتحتم علي أن ألخصها، وأُقدِّم نسخة من التلخيص لإدارة المدرسة ولوالداي، مع ما اسْتَفَدْتُهُ منها.
الفصل الثالث: في المدرسة- الأصدقاء
جميع أصدقائي كانوا مجتمعين في ساحة المدرسة، منصور وجمال وحسين، هؤلاء هم أصدقائي الأعزاء، الذين أعتمد عليهم في كل شيء، حيوني وحييتهم، كانوا يتحدثون عن فيلم رجل العنكبوت الجديد ، وقال منصور: أخي الكبير سلطان شاهَدَهُ، ويقول إنه ممتع وشيّق.
اقترحت عليهم أن نذهب لمشاهدته عصر اليوم، ولكن جمال قال أنه لن يستطيع ذلك ،لأنه سيذهب مع أبيه لزيارة جده. علَّقْتُ على اعتذاره قائلاً: أنت تقضي وقتك مع كبار السن أكثر من قضائه معنا.
وعَقَّبَ حسين على تعليقي: لا تنسى أنًه شيْبه.
دافع جمال عن نفسه، وأوضح لنا بأن كبار السن يمتلكون الحكمة والمعرفة، وأنه يستفيد من مجالستهم.
فعلق منصور بسخرية واستهزاء: أية حكمة هذه؟ كبار السن لا يعرفون حتى كيف يستعملون الموبايل ، وضحكنا جميعاً إلا جمال، الذي التزم الصمت على مضض.
قررنا الذهاب إلى السينما بعد غد، ثم فجأة ذكَّرَني جمال بالواجب المدرسي، الذي لم أكن قد أنجزته، لقد قضيت ليلة البارحة، في قراءة رحلات غوليفر، حسناً ذلك لم يحدث، كنت قد قضيت ليلتي في لعب البلاي ستيشن، وكنت أتظاهر بأني أقرأ، لم يكتشف والداي ،ولا أختي المشاكسة ملاك لعبي، لا أحد في المنزل يعلم بأني استعرت البلاي ستيشن القديمة لمنصور، لقد أدخلتها خلسة إلى غرفتي، بعد أن صادر والداي لعبتي الخاصة بي، في عقابي على إحدى مغامراتي الفاشلة.
صاح جمال في وجهي وهو يحذرني: سوف لن يرحمك الأستاذ سعود ، وسيعاقبك بأشّدِ العقاب ويُخْبر والديك! طلبت منهم مساعدتي، وأخذوا يفكرون، لم يكن لدي وقت لإنجاز كل الواجب. سألني منصور، إن كان أحدٌ غيري معه نفْس الواجب؟ وتذكرتُ سمير، نعم، سمير، أشطر طالب في المدرسة، وهو يخاف منا، فنحن نحب أن نبهدله كلما رأيناه.
رحنا نبحثُ عنه ،إلى أن وجدناه، كان يجلس وحيداً يتصفح كتاباً كعادته، لا أعلم كيف يحب أيُّ إنسانٍ القراءة مثله!
حاوطناه من كل جهة، ولمَّا انتبه لنا، ارتبك واستنتج أننا سنقوم بعمل شيء سخيف لا يحبه. ألقيت عليه التحية بكل هدوء ،ثم خيَّرْتُهُ: ،إما أن تحل لي الواجب المدرسي، أو تعطيني نسخة من حَلِّكَ؟، في البداية رَفَضَ وبشدة، فهدده منصور بالضرب، منصور يحب أن يحل كل مشاكلنا بالضرب. لكن لمَّا بدأت دموع سمير تنهمر منه، عرض عليه حسين بيع الواجب لنا، فرفض أيضاً. فهدده جمال بجعل كل التلاميذ في المدرسة يقاطعونه. وأَضَفْتُ أنا ، بأننا سنمزق كل كُتُبِهِ ودفاتره، فرَضَخَ لنا، وحل لي الواجب وبسرعة فائقة. استغربت سرعته في حل الواجب! بدا الواجب سهلاً جداً، لو أني قضيت بعض الوقت لحلَلْته، لكني لم أهتم.
بعد مرور خمس دقائق فقط من دخولي الفصل، تم استدعائي إلى مكتب مدير المدرسة، كان اليوم في بدايته ، ولم يتَسنَّ لي القيام بأي خطأ، أخذت أفكر في أسباب استدعائي، وما إن وصلت إلى باب مكتب المدير! حتى لمحت سميراً وهو يجلس في مكتب المدير. فعرفت سبب استدعائي، ولم يمض وقتاً طويلاً حتى انضم إليّ منصور وحسين وجمال. رحت أبحث في رأسي بسرعة عن كذبةٍ تُخْرِجَني من المأزق الذي نحن على وَشَكِ الوقوعُ فِيه.
الفصل الرابع: المواجهة في البيت
كنت خائفاً جداً عندما وصلت إلى المنزل، فَتَحَتْ لي شقيقتي ميمي الباب، وقالت لي قبل السلام عليكم، أمي وأبي غاضبان جداً عليك، وقد حَلَفَ أبي أن يُنْزِلَ بك أشد العقاب، ها ها ها.
طلبت منها أن تتركني لحالي، وقررت أن أتسلل إلى غرفتي دون أن أعْرُجُ على أمي وأبي، ولكن هيهات، كان خبر وصولي قد سبق خطواتي، فقد أَعْلَمَتُهما ميمي بحضوري، وسَمِعْتُ صوت أبي وهو يناديني: فصّولي..فيصَلُوه.. تعالْ. صرخت من مكاني أجاوبه: أبي سآتي لاحقاً..أحتاج الذهاب إلى غرفتي . رد عليّ بغضب: أريد أن أراكَ حالاً
تقدَّمْتُ ببطء إلى الصالة حيث يجلس الجميع. وكانت أختي ميمي تلعب بحاجبيها وهي تبتسم، سألني والدي عن السخافة التي قمت بها ضد زميل لي، مسالم وشاطر، ومشهود له بالأخلاق الطيبة،
هَرَبَتْ مني الكلمات والحجج، ولَزِمْتُ الصمت وأنا مطأطئٌ رأسي إلى الأسفل، نَظَرَتْ إلي والدتي بغضب، وهي تقول لي: متى ستترك مضايقة الآخرين؟، طلب مني أبي أن أقترب منه، ثم أن أنظر إلى عينيه، وعندما قمت بذلك، قال لي بحذر: سوف أسألك مرة واحدة، وعليك أن تقول لي الحقيقة وأن لا تكذب.
هززت رأسي موافقاَ، فقال لي والدي: ماذا كنت تفعل في غرفتك ليلة أمس؟ لماذا لم تحل واجبك؟
فكرت في أن أكذب، ولكن خفت أن تكون أختي ميمي قد دخلت غرفَتِي في غيابي، وَ وجَدَتْ البلاي ستيشن وأخْبَرَتْهُم عنه، نظرت إليها فرأيتها تبتسم وهي تهز رأسها، قلت بصوت منخفض: ،كنت ألعب PlayStation،فور انتهائي من قول ذلك، ركضت أختي ملاك إلى الأعلى باتجاه غرفتي، بينما غضب أبي غضباً شديداً، وقال والشرر يتطاير من عينيه: من أين لك PlayStation؟
وقبل أن أجاوبه، وقَفَتْ أمي وأَمْسَكَتْ يدي بقوة، وقالت لي: ألم نصادر PlayStation خاصتك؟ اعترفت لهما بخجل شديد، بأني استعرته من صديقي منصور. ثم جاءت أختي ميمي وبيدها البلاي ستيشن، لا أعلم كيف وَجَدَتْه! كنت قد أخفيته بين ثيابي، في خزانة ملابسي، لكن ميمي دائماً تجد كل شي، أُخَبِّئُهُ عن والداي
ردد أبي ما قلتُهُ: صديقك منصور! وعلقت أختي ميمي، بأنه عنيف يحب أن يتعارك مع زملائِهِ في المدرسة، فنَظَرْتُ إليها وتوعدتها شراً، فقالت أمي: أليس هو الصبي المتأثر بالعنف من الألعاب العنيفة التي يلعبها في البلاي ستيشن، فهززت رأسي موافقاً، وأضاف والدي: أرأيت!! ،كلما لعبتم ألعاباً عنيفة في البلاي ستيشن، كلما اختلقتم مشاكلاً في الحياة.
ثم قال لي، بأنه لا يمنعني من اللعب ،ولكن بشرط أن تكون ألعاباً لا عنف فيها. وبَّخني أبي على ما عملته في سمير وطلب مني أن أعتذر له أمام الطلبة في المدرسة، وكذلك زاد عقابي بمنعي من PlayStationلِمُدَة شهرين، كما أنه طلب مني أن أنهي قراءة كتاب كل أسبوع، وألخصه له مع ذكر ما استفدته منه، وكذلك لا خروج في نهاية الأسبوع، ولا سينما.
عظيم جداً! هذا العقاب هو الذي كنت أنتظره، لا لعب، لا سينما، لا خروج في نهاية الأسبوع، وفوق ذلك سيكون عليّ الآن زيادة وقت القراءة، بعد أن كان عقابي قراءة كتاب كلما تسنى لي الوقت، تحول بفضل مغامرتي السخيفة مع أصدقائي إلى قراءة كتابٍ كل أسبوع، لا أصدق ذلك!
الفصل الخامس: أختي ميمي ما بعد المدرسة
في طريقي إلى المطبخ لشرب الماء، سَمِعْتُ أختي ميمي وهي تتحدث مع صديقتها شيخة أخت منصور، تحكي لها عن العقاب الذي تلَقّيتُه من أبي، وكيف أنها وجدت PlayStation القديم لمنصور في خزانة ملابسي. ثم سَمِعْتُها تتبجح بأنها تستطيع أن تجد كل شيء أُخَّبِئُهُ عنهم، فَكَّرتُ في طريقةٍ أنتقم فيها من أختي مِيمي، وجاءتني فكرة إخفاء عروستها المفضلة، التي لا تستطيع النوم إلا وهي في حضنها.
عدت إلى الأعلى بسرعة ، وخبَّأتها في خزانة المنظفات في المخزن، ثم رجِعْتُ إلى المطبخ وكأن شيئا لم يحدث، سمعتها تضحك مع صديقتها شيخة، وهي تصف ردة فعلي، وكيف دَمَعَتْ عيناي وأنا أستمع إلى عقابي الجديد، ثم طَلَبَتْ من شيخة وبصوت خافت استطعت أن أسمعه بصعوبة: ، أخبري والداك عما فعله منصور في المدرسة بصحبة أخي الشقي وأصدقائه . حينها تعمّدت أن أجعلها تراني، وما إن وَقَعَتْ عيناها عليّ حتى انفَجَرَتْ ضاحكة، وقالت لي: مسكين أخي، سجَنْكَ أبي في البيت،، ههه ههه ههه. أغاظتني كلماتها وقلت لها: اسكتي وإلا..
فَصَرَخَتْ تنادي وتشتكي لأمي: ،أمي، فيصل يبْغي يضربني ساعديني. ثم أضافت: بابا، فيصل لا يفعل ما أَمَرْتَهُ به. هَرَبْتُ من أمامها إلى غرفتي بسرعة قبل أن يصلها العون من أمي وأبي.
الفصل السادس: عروسةُ مِيمي
كنت في غرفتي أقرأ رحلات غولفير بعد أن انتهيت من أداء واجباتي المدرسية، إنها قصةٌ ممتعةٌ وجميلة ومغامرات خيالية غريبة. لكني لا أعرف ماذا استفدت منها، غير المتعة، وأبي والمدرسة، مُصرّين أن أكتب ملخصاً عنها مع شرح ما استفدته. أعتقد أني تعلّمت منها أنك تستطيع أن تكون قوياً وكبيراً في بعض الأماكن، وأنك ستكون ضعيفاً وصغيراً في أماكن أخرى. سمعت أختي ميمي تبكي تبحث عن عروستها، وعَرَفْتُ بأنها ستأتي إلى غرفتي باحثة عنها، وأنها ستتهمني بإخفائها. حاولت فتح الباب، ولكنه كان مُقْفَلاً، راحت تطرق بقوة وهي تناديني: فيصل،، فيصَلوه افتح الباب أحْسَن لك. وما كدت أفتح الباب حتى انْدَفَعَتْ بسرعة إلى الداخل ، وعيناها غارقتان بالدموع، تسألني بينما تبحث بين أغراضي عن عروستها. كتمت ضحكة بصعوبة، وأنا أسألها عن ماذا تبحث؟ نظرت إليّ بغضب وقالت: لا تستهبل! وين سوزان عروست؟ أنكرت معرفتي بها، فعلى صوت بكائها حتى حضر والداي، وسألاها عن سبب بكائها، فأشارت بيدها نحوي، واتَّهَمتْني بإخفاء عروستها.
غضب والداي، وسألتني أمي بامتعاض: هل أخفيت لعبتها؟، وقبل أن أجيب، سمعت أبي يحذرني من الكذب: فكر قبل ما تتكلم، لأنك إذا أنكرت واتضح لنا بعد ذلك بأنك تكذب، فسيكون عقابك شديداً جداً. بي لا يحب الكذِب، ويأمرني دائماً بقول الحقيقة، حتى لو كانت على نفسي. كنت في حيرة من أمري، أعلم إن قلت الحقيقة، فإنني سوف أعاقَبْ، وإن كذبت فسأنجو، وقررت أن أكذب: أنا لم أَرَ سوزان ولم أخْفيها .
صَرَخَتْ ميمي في وجهي تنعتني بالكذب: كذاب كذاب! فنهرها أبي بشدة، وهو يقول لها: لا تتهمي أخاك الأكبر بالكذب، نحن عائلة لا تكذب، ثم أمرَها أن تتأسف لي :هيّا تأسفي له. غمرتني الفرحة، وكدت أُغَنِّي من الفرحة، اخيرا انتقمت من "ميميوه"، هههه ،ها هي ستتأسف لي. اقتربت مني بدموع تغطي وجهها وقالت بصوت خافض: أنا آسفة، ورددت عليها بصوت عالٍ: وأنا قبلت اعتذارُكِ،.
طلب منا والدي الخلود للنوم، ثم قال لميمي: سنبحث عن عروستك غداً، خرج الجميع من غرفتي، وتظاهرت بالنوم، وانتظرت لبعض الوقت حتى عندما أحسست بأن الجميع قد غط في نوم عميق، قمت متوجها إلى المخزن. مشيت بخطوات حذرة وببطء شديد. لم أشعل الأنوار، كنت أعلم مكان كل شيء في البيت. وصلت إلى المخزن، وأشعلت النور فيه، ثم أغلقت الباب ورائي، وما إن أخْرَجْتُ عروسة ميمي، حتى فتح أبي وأمي الباب كانا غاضبين جدا، وهما يريان العروسة في يدي. لم أعرف ماذا أقول؟ أو ماذا أفعل؟ فابتسمت بغباء، وقلت في محاولة أخيرة مني لجعلهما يصدقاني: لقد وجدت عروسة ميمي!
الفصل السابع: المدرسة: الاعتذار الكبير
وَقَفْت أمام الجميع في الفصل، واعْتَذَرْتُ لسمير بصوت عال، ثم قبَّلْتُ رأسه، وطَلَبْتُ منه الصفح، فسامَحَني. ثم فعل حسين ومنصور وجمال ذات الشي، كنت لم أنم جيدا في الليلة أمس، فبعد أن قبض علي والداي متلبسا، عاتبني أبي، وأسمعني كلاما جَعَلَني أحس بأن ارتكبت أكبر جريمة في الحياة. قال لي أن الله لا يحب الكذابين، وأن الكذب سوف يرميني في النار، وأن ديننا يُحَرِّم الكذب . رحت أبكي وأنا أعتذر منهما، فقال لي والدي، إن علي الاستغفار من الله، وطلب عفوه. وبعد ذلك الاعتذار من أختي ميمي، لأن أذيتها. كان عقابي هذه المرة على الكذبة، هو حرماني عن المصروف، وغسل طبقي وطبق ميمي بعد كل وجبة غذاء، لمدة أسبوع، ورَمْي القمامة كل ليلة، بالإضافة إلى تنظيف وترتيب غرفتي وغرفة ميمي.
في صباح هذا اليوم، ميمي كانت تحتضن عروستها على الإفطار، فقد وضعها والداي في حضنها ليلة أمس، وعندما استيقظت أخبرتها أمي بكل شيء. كانت تبتسم بفرح، وضَحَكَتْ عندما اعْتَذَرْتُ لها وقبَّلتها على رأسها. طلبت مني أن أقبلها ثلاث مرات إذا أَردتُها ان تسامحني، ففعلت ذلك على مضض، بدا أن اليوم هو يوم الاعتذار الكبير.
تعمدت ميمي أن تستعمل أكثر عن طبق لعلمها بأني سأغسل أطباقها، وحينما اشتكيتها أمي، نَهَرَتْنى وطَلَبَتْ مني :نفذ عقابك وأنت ساكت.
أبي كان ما زال غاضبا مني ولا يكلمني، ظل يضحك ويتحدث مع ميمي. وعندما سألته إن كان قد رضى عني، حكى لي قصة الفتى راعي الغنم، الذي كان يستنجد أهل قريته لمساعدته ،ويدَّعِي أن الذئب قد هجم على أغنامه. وعندما يهب أهالي قريته لمساعدته، يضحك عليهم ويقول لهم بأنه كان يكذب عليهم، وفعل ذلك ثلاث مرات، حتى مل أهل القرية من تلبية نداءاته الكاذبة. وعندما هَجَمَ الذئب على أغنامه، واستنجد الفتى الراعي بأهالي القرية، لم يستجب أحد لندائه ظنا منهم بأنه يكذب. فخسر كل أغنامه نتيجة كذِبِهْ . ثم قال لي أبي بأن من يكذب، يفقد مصداقيته، ولا يصدقه أحد، وإذا حدث وقال الحقيقة فلن يجد من يصدقه وسيخسر كل شيء. وأضافت أمي على حديثه، بأن الكذب خطير، ويجعل الإنسان يخسر أصدقائه بسببه.
بعد الاعتذار من سمير همس منصور في أذني، بأنه سينتقم منه وسيضربه، لكني أوضحت له بأن ضربه سيجلب لنا الكثير من المشاكل، ثم قلت له إن أبي يقول أن الضرب هو ضعف، ومن يلجأ للضرب يفتقد للعقل، وحذرني عن لعب الألعاب العنيفة في "البلاي ستيشن"، لأنها السبب الرئيسي للعنف. رد منصور وقال لي: بأنها مجرد ألعاب ولا تعلمنا العنف. شعرت بالجوع ولم أستطع شراء أي شيء آكله. قلت في نفسي: يا ليتني لم أرتكب كل تلك الأخطاء.
الفصل الثامن: اللغة العربية الفصحى
اليوم هو يوم الجمعة، وهو يوم عطلة نهاية الأسبوع. أختي ميمي، كانت تعمل على مشروع في المدرسة، لتعزيز اللغة العربية، وكان من ضمن مشروعها هو التحدث لمدة يوم كامل باللغة العربية الفصحى. أخبرتنا في المنزل، بأنها ستتحدث معنا بالعربية الفصحى، وأن علينا نحن أيضا أن نحادثها بالعربية الفصحى. أنا رفضت، لكن والداي أعجبتهم الفكرة، وقالت أمي: إنها فكرة ممتازة يا حبيبتي، وعلينا أن نشجعكِ لأن العربية هي لغة القرآن ولغتنا. حضنها أبي بقوة وهو يقول لها: أنا فخور جدا بكِ يا ابنتي، كانت تبتسم وتنظر إليّ بِشماتة، بينما كان أبي يحتضنها، قلت لها: أنا بَسير غرفتي، فصححَتْ لي قائلة: أنا سأذهب إلى غرفتي. نظرت إليها بغيظ، وسمعت أمي تقول لها: أحسنتِ.
قررت أن أتجنب الحديث معها طُول اليوم، حتى لا أضطر أن أرضخ لها. اتجهت إلى غرفتي واخترت قصة "بيبي لونغ ستوكينغ أو "بيبي صاحبة الجوارب الطويلة" لكاتبة من السويد تدعى آستريد ليندجرين، عرفت فيما بعد بأنها كتبت الكثير من قصص الأطفال، وهي شهيرة جدا على مستوى العالم.
لم تتركني ميمي، دخلت عليَّ غرفتي بعد طَرَقاتٍ خفيفة على الباب، سألتها :شو تَبينْ؟ فقالت لي بحزم :ماذا تريدين؟ يجب أن تحدثني باللغة العربية الفصحى يا أخي الحزين ،رَدَدْتُ عليها بغضب :عن الحركات.. أنا مشغول خليني بروحي واطلعي، أَخَذَتْ تفكر في ترجمة جملة "عن الحركات" بالفصحى، وعندما فشلت قالت: أنا أعلم بأنه مشغول، ولكن يجب أن أتحدث مع شخص ما. نظرت إليها، وقلت لها ساخرا: اتصلي بصديقَتُكِ شيخوه، وتحدثي معها واتركيني لحالي. ابتَسَمَتْ وقالت لي بفرح: أحسنتَ، هكذا سنتعلم أن نتحدث جميعا بلغتنا الجميلة.
رميت الكتاب من يدي وتوجهت إليها ودفعتها ناحية باب الغرفة وانا أقول لها:يالله بَرّعْ قبل ما أكفخج. صَرَخَتْ بصوت عالٍ، تنادي على أبي وتشكيني له:،أبي، أبي ، فيصل يرفض التحدث معي بالعربية الفصحى، كما أنه يهددني بالضرب. اعتذرت لها على الفور، لم أكن مستعدا لعقاب آخر، قلت لها: أنا آسف يا أختاه،، سوف أتحدث معكِ في أي شيء تَودينه. حدثتني عن يومها في المدرسة، وكيف أن مدرستها كرَّمَتْها بسبب تفوقها، والتزامها بأداء واجباتها في وقتها. كنت أنظر إليها ولكني لم أكن انتَبِه لما تقوله، إلى أن ملت من صمتي، وخرجت غاضبة من غرفتي.
عدت للقراءة، واكتشاف "مغامرات بيبي" وبما أني لا أحب القراءة، لم أقرأ طويلا. برغم من التشويق في القصة، نزلت إلى الأسفل وسَمِعْتُ أختي ميمي وهي تتحدث مع صديقتها شيخة عبر الهاتف، سمعتها تذكر: لقد منع أبي شقيقي منصور من الخروج، عقابا له على حماقاته، ولما رأتني، قالت لي والهاتف ما زال في يدها: لقد ذهب أصدقاؤك منصور وجمال وحسين إلى السينما لمشاهدة فيلم رجل العنكبوت.
ثم ضَحَكَتْ، لما رأت امتعاضي، وقالت لصديقتها: حسنا يا شيخة سوف أمر مع أمي لاصطحابُكِ إلى السينما لمشاهدة الفيلم ،هيا تجهزي. أُصِبْتُ بالإحباط، وبالغضب أيضا، جلست أفكر لوحدي في طريقة تجعلني أنضم لأصدقائي في السينما، ولما رأيت أمي تستعد للخروج مع ميمي، رَكَضْتُ إليها، واحتضنتها وأنا أفتعل البكاء، وأُظهِر لها أسفي على أخطائي وأعترف بأني كنت غبيا لقيامي بتلك الأفعال المشينة.
مالت أمي علي، ووضعت يدها برفق على وجهي وقالت: يجب أن تتحمل نتيجة أفعالك دائما.
الفصل التاسع: المستشفى
،تعلمتُ من "بيبي ذات الجوارب الطويلة "بأن المدرسة ليست المصدر الوحيد للتعليم، وأن بإمكاننا أن نتعلم من الحياة أمور إيجابية كثيرة كذلك تعلمتُ بأن الصداقة كنز يجب أن نحافظ عليه، وعلينا حمايةِ ومساعدة أصدقائنا. لم تنته مدة عقوبتي بعد، وما زلت ممنوعا من الخروج مع أصدقائي، كما أني أُنَظّف غرفتي وغرفة ميمي كل يوم. الشقية تتعمد أن توسخ غرفتها، وترمي كل شيء على أرضيتها، حتى أنَظِّفها، ومرات كثيرة تفعل ذلك فور انتهائي من تنظيفها، وإذا اشتكيت أو تذعرت، تتدخل أمي أو أبي ويجبراني على إعادة تنظيفها وترتيبها من جديد، يا له من عقاب قاسي، لا أستطيع انتظار الانتهاء منه.
سمعت أختي ميمي، وهي تناديني، فتجاهلتها وتظاهرت بأني لا أسمعها، لكنها أتت بسرعة إلى غرفتي وهي تقول لي: صديقُكَ منصور قد أُدْخِلَ المستشفى، عرفت ذلك من أخته شيخة، مسكينٌ منصور أصابه تسمم غذائي، اشترى بعض السندويشات من بائع متجول، لقد نصحونا في المدرسة أن لا نشتري الطعام من باعةٍ متجولين، لأنهم غالبا يعملون بدون ترخيص من وزارة الصحة.
ركضت إلى أبي، وترجيته أن يسمح لي بزيارة صديقي في المستشفى، فهو دائما الذي يشجعني بالقيام بالواجب، عن عيادة المرضى، ومواساة الأصدقاء، في أحزانهم، ومشاركتهم أفراحهم. قُلْتُ لأبي: ديننا يأمرنا بعيادة المريض، لم يتردد أبي في الموافقة على السماح لي بالذهاب، وأخذني بنفسه إلى المستشفى، حُسَين وجَمَال كانا هناك وكذلك شيخة أخت منصور، بالإضافة إلى والداه.
دخَلْتُ مع أبي حيث ينام منصور، كان يبدو عليه الإرهاق والمرض. جلس والدي بعد أن اطمئن عليه، وبعد أن أخبرتنا والدته بأنه بخير وأنهم سوف يسمحون له بالخروج غدا. عندما بدأ والدي بتبادر الحديث مع والدا منصور، حَكَيتُ لحسين وجمال وشيخة، القصة التي حكاها أبي لي في طريقنا إلى المستشفى وهي كالتالي: ذهب أحد الثقلاء الى شيخ عالم مريض، فجلس عنده مدة طويلة، ثم قال له: يا شيخ انصحني فقال له الشيخ: "إذا دخلت على مريض فلا تطل الجلوس عنده"، نظرت إلى منصور وغمزْتُ له بعيني، وفهم بأن أطلب منه أن يترك سَريرُه، لكنه هز رأسه، يخبرني بأنه لا يستطيع. خرجنا أنا وحسين وجمال وشيخة ، إلى ردهة المستشفى، كانت مستشفى كبيرةً جداً، فقررنا اللعب، واقترح حسين أن نلعب لعبة الاستغماية.
اختبأنا أنا وجَمَال وشيخة، كل واحد فينا في مكان مختلف، وراح حسين يبحث عنا، هكذا لعبنا واستمرينا نلعب طويلا ونتبادل الأدوار، ودخلنا غرف المرضى، ونحن نركض ورا بعضنا، نضحك ونصرخ بصوت عالٍ، إلى أن اشتكى المرضى منا.
غضب منا الجميع، وقرر أبي أن يصطحبني إلى البيت، وفي السيارة، عاتبني وأفْهَمَني بأن الغرض من زيارة المريض هو التخفيف عليهم وليس اللعب في المستشفى وإزعاج المرضى.
أنا لا أستطيع أن أفهم الكبار! نحن لم نفعل شيئا سيئا، كل الذي قمنا به هو اللعب البريء، لكن أمي غضبت هي الأخرى لما حكى لها أبي ما حدث وقالت لي: المرضى يحتاجون إلى هدوءْ ، وما فعلته مع أصدقائك خطأٌ وعيب.
الفصل العاشر: السينما
أخيرا انتهت مدة عقوبتي، وسمح لي والداي بالخروج مع أصدقائي، كنت متشوقا للذهاب إلى السينما. واجَهْتُ مشكلةً مع أصدقائي، فكل الأفلام التي كنت أتوق لمشاهدتها، كانوا قد شاهدوها هم في فترة عقوبتي، فاضطررت لدخول أفلام أخرى معهم. كان المعروض هذه المرة فيلم "هاري بوتر" وأنا أحب هاري بوتر، جاءتني فكرة عبقرية أثناء الفيلم، كان أبي قد طلب مني أن أقرأ قصة "طرازان" وتذكرت أنه يوجد فيلم لقصة طرازان، قفزت من مقعدي وأنا أقول:وجدتها، فضحك أصدقائي ورددوا ورائي بصوت واحد:وجدتها. وأخذنا نضحك بصوت، بينما امتعض باقي المشاهدين في السينما، وطلبوا منا أن نخفض أصواتنا، بينما نحن أعجَبَنا ما قمنا به وصرنا نردد بين لحظة وأخرى: وجدتها، ثم نضحك بسرور وفرح.
لم نستمر طويلا على إزعاجنا للآخرين حتى جاءنا اثنان من رجال الأمن في السينما، وطلبوا منا الخروج، وبعد أن خرجنا، كان مسؤول السينما في انتظارنا عند الباب، وأسمعنا كلاما لم يعجبنا، قال: انتم غير مؤدبين ومزعجين. ثم اكمل بغضب، وقال: أنتم لا تحترمون الآخرين،، كل ما يهمكم هو إزعاج الناس، كنا نعلم أننا مخطئون. حاول حسين كالعادة عرض نقود على المسؤول وقال له:نحن آسفون، وسوف ندفع الغرامة ، ولكن المسؤول قال له أنه لا توجد غرامة، وأنه سيمنعنا عن دخول السينما لمدة شهر.غضب منصور وقال للمسؤول: أنا سوف أنازلك رجلا لرجل،هيا لنخرج من هنا أنا وأنت فقط ونتعارك. ضحك المسؤول ومعه حارسان الأمن، وتعمد تجاهله. هُنا قفز جمال وأمسك بيد المسؤول وهو يطلب منه أن يستمع له المسؤول ، وابتعد معه عدة خطوات. سرعان ما عاد وعلى وجهه خيبة أمل، سألناه ما قاله له، فأخبرنا بأنه اعتذر له وقال له بأننا مجرد أطفال صغار متهورون، والحماس أَخَذَنَا ، وأننا لن نعود لفعل ذلك مرة أخرى.
أصر المسؤول على تصويرنا، ووزع صورنا على جميع موظفين السينما ليمنعونا من دخول السينما لمدة شهر، عدنا إلى بيوتنا بخيبة أمل، واتفقنا أن لا نخبر أحدا، سألني أصدقائي ما كنت أعنيه لما صرخت ب"وجدتها فشرحت لهم فكرتي وهي، بَدَل من قراءة الكتب التي يطلب مني والدي والمدرسة قراءتها سأكتفي أن أشاهد فيلما عنها، وأنهِهما وأكتب ما استفدته. وبرغم من خيبة أملنا لما حدث في السينما إلا أننا جميعا سعدنا بفكرة مشاهدة الأفلام بدلا من قراءة الكتب.
الفصل الحادي عشر: العنوان التاكسي
اشتريت فيلم "طرازان " وشاهَدْتُه، لم أفهم ما استفدت منه، وقررت أن أقول بأني تعلمت من طرزان أن على الإنسان حماية من يحبهم مهما كلفه الأمر. كنت اتفَقْتُ أن أذهب مع أصدقائي إلى حديقة الحيوانات، وكنت أول واحد يمر عليه حسين، وصل في سيارة أجرة "تاكسي" ولما سألْتُهُ أين نور السائق؟، أخبرني بأن سيارتهم قد تعطلت لذلك جاء بسيارة أجرة. بعد ذلك أخذنا جمال معنا، ثم اخيراً وصلنا إلى منزل منصور، الذي ركب معنا، وهو يصرخ ويتوعد، كان شعره منكوشا، وثيابه غير مرتبة، وبدا أنه كان يتعارك مع أحدهم . سألناه عن سبب صراخه وشكله غير المُرَتَّب؟ فقال بصوت عالٍ: لقد تشابكت بالأيدي مع أخي الكبير.
رد عليه جمال:هذا خطأ وعيب، إنه أخاك الكبير وعليك احترامه. غضب منصور، وقال له:هو لا يحترمني، ولا يرحمني،هو من بدأ بضَرْبي. طلبت منه أن يهدأ و ينسى موضوع أخاه، فاقترح حسين عليه، أن يشتري لأخيه هدية، حتى يتقرب منه ويتوقف عن ضربه. لكن منصور رفض ذلك بشدة. قلت لهم جميعا: أن يغيروا الموضوع، ثم أخذت أفكر في مغامرةً تُنْسينا معركة منصور مع أخيه . فهمستُ في أذن منصور، الذي كان يجلس بجَنْبي، وقلت له: ما رأيك أن لا ندفع أجرة التاكسي ونهرب منه ؟
فرد علي بصوت خافت جدا: ستكون مغامرة شيقة ، أنا معك . طلبت منه أن يخبر جمال الذي كان يجلس بجانبه، وأخبرت انا حسين الذي كان يجلس في الأمام بجنب سائق سيارة الأجرة، في البداية رفض جمال، لكن منصور استطاع أن يقنعه. توقف سائق التاكسي أمام الحديقة، وبما أنني كنت أسْرَعَهُم، طَلَبْتُ منهم أن يبدؤوا بالركض، ثم تبعتهم. لحق بنا سائق التاكسي، في البداية نزل من سيارته وركض وَرائَنا، لكننا استطعنا الهروب منه. كان الأمر مرعبا ولم يكن مثل ما توقعناه، كنا خائِفين أن نقع في قبضته، ضيعناه بعد أن اختبأنا في "Garage" إحدى الفلل، الموجودة في جميرا، ثم بعد أن قضينا بعض الوقت في ال Garage واطمئنينا أنه قد ذهب، خرجنا، وما أن مشينا قليلا حتى استوقفتنا دورية للشرطة، وقَبَضُوا علينا .